عربية ودولية
مصادر رفيعة بتل أبيب: أعداء إيران من العرب السُنّة توصلوا لاتفاقاتٍ سريّةٍ مع إسرائيل تُقدّر بمئات ملايين الدولارات لمصلحة السعوديّة والإمارات
يمنات
هل إسرائيل أمام مُستقبلٍ مُظلمٍ بسبب سياساتها العدوانيّة ضدّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ؟ هل الدولة العبريّة تسير بخطىً حثيثةٍ نحو العزلة الدوليّة التي ستنعكس سلبًا على أمنها القوميّ واقتصادها؟
برأي عددٍ من السياسيين، ومن بينهم صنّاع القرار في تل أبيب، الجواب على السؤالين هو نعم كبيرة، إذْ أنّ العزلة الدوليّة التي تتنامى يومًا بعد يومٍ باتت تُشكّل خطرًا إستراتيجيًا على دولة الاحتلال، وهناك العديد من المُحللين ومراكز الأبحاث الذين يُحذّرون من أنّ إسرائيل ستتحوّل إلى دولة أبرتهايد، فصل عنصريّ، كالذي كان سائدًا في جنوب إفريقيا، إبّان حكم الأقليّة البيضاء في تلك الدولة.
ولكن بالمُقابل، هناك العديد من كتّاب والمحللين يرَوْن الصورة بشكلٍ مُغايرٍ بالمرّة، ويُشدّدّون على أنّ طوق النجاة لإسرائيل يتواجد في دول الخليج الغنيّة جدًا، والمعنيّة أكثر بعلاقاتٍ وطيدةٍ ومتينةٍ مع تل أبيب، لأسبابٍ عديدةٍ، وفي مُقدّمتها تأثير إسرائيل على صنّاع القرار في واشنطن، علاوة على ذلك، فإنّ هذه الدول الخليجيّة “تستنجد” إسرائيل لدرء الخطر الإيرانيّ، إذْ أنّ هذه الدول أصبحت تعتبر الجمهوريّة الإسلاميّة العدو الأوّل لها، تمامًا مثلما تعتبرها الدولة العبريّة، ومن هنا فإنّ تساوق المصالح بين الطرفين، أدّى ويؤدّي إلى تطوير العلاقات بينهما، على الرغم من أنّ العلاقات مع زالت سريّةً، ذلك أنّه بحسب دراسةٍ لمركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، فإنّ هذه الدول تخشى من الإعلان جهارةً عن علاقاتها مع إسرائيل خوفًا من الغضب الشعبيّ، خصوصًا وأنّ القضية الفلسطينيّة وُضعت في الثلاجة، على حدّ تعبير الدراسة الإسرائيليّة. بكلماتٍ أخرى، تأتي اليد الخليجية ودول الاعتدال الخليجيّ لتمتد من تحت الطاولة وبعيدًا عن شعوبها، فتعطي أملاً ومزيدًا من المدد الماديّ والاقتصاديّ لإسرائيل، عبر صفقات بلغت حتى الآن مئات الملايين من الدولارات. هذه الصفقات، التي تنشر تباعًا في الإعلام الغربيّ والعبريّ، أعاد محلل الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة “معاريف”، يوسي ميلمان، تأكيدها، عبر مقالة تحليليّة عن الوضع الاستراتيجيّ لإسرائيل في السنوات الماضية، محاولاً نقض ما ورد من رؤية تشاؤمية ومستقبل مظلم، ورَدت على لسان عدد من الوزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين في الفترة الأخيرة.
وفي إطار العرض المضّاد، كشف ميلمان، مباشرةً هذه المرة، عن الآتي: أعداء إيران من العرب السنّة تحولوا باتجاه إسرائيل، وتوصلوا معها إلى اتفاقاتٍ سريّةٍ، عسكرية واستخبارية، تُقدّر بمئات الملايين من الدولارات، لمصلحة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بحسب تعبيره.
إضافة إلى الاتفاقات العسكرية والاستخبارية مع “العرب السنّة”، أشار المُحلل المُخضرم، المُرتبط عضويًا مع الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، أشار إلى أنّ الخطر الذي كان يميز الماضي من جيوش عربية تجاه إسرائيل، زال تمامًا عن الخريطة ولم يعد موجودًا، وذلك يعود إلى اتفاقات السلام مع مصر والأردن، وإلى حالة العراق وسوريّة وأيضًا ليبيا، التي تفككت إلى كيانات إقليمية مشغولة بمحاربة بعضها بعضًا من أجل البقاء. وجيوش هذه الدول إمّا تبخرت أوْ ضعفت.
وساق قائلاً: حلّ مكان هذه الجيوش، كخطرٍ على إسرائيل، أعداء دون دولة، يتميزون في أنهم مردوعون ومشغولون بأنفسهم وببقائهم، أو مشغولون بمعارك بقاء في ساحات أخرى، كما هو حال حزب الله في سوريّة، على حدّ قوله. علاوة على ذلك، لفت ميلمان إلى أنّ العلاقات الإسرائيليّة الأردنيّة، لم تكن أفضل ممّا هي عليه الآن، وتتميّز بتعاون أمني واستخباري كبير. كذلك، فإنّ العلاقات مع الجانب المصريّ، في الجانب العسكريّ والاستخباريّ، تتميّز بالتعاون في الحرب ضدّ الإرهاب في سيناء، والجانبان، الإسرائيلي والمصري في نقاش دائمٍ ومباشرٍ، حول كيفية التعامل مع (حماس) في قطاع غزة.
في الشمال، تابع ميلمان، بعد عشر سنوات على حرب عام 2006، حزب الله مردوع. لكن في موازاة ذلك، نُواجه واقع الترسانة الصاروخيّة للحزب، وجزء منها بعيد المدى وأكثر دقّة وقادرُ على ضرب معظم المواقع الإستراتيجيّة والعسكريّة في إسرائيل. مع ذلك، اكتسب الحزب خبرة في التكتيكات القتاليّة جراء مشاركته في الحرب الدائرة في سوريّة، لكنّه يُعاني من خسائر بشرية، بحسب المُحلل الإسرائيليّ التي اعتمد في تحليله على مصادر أمنيّة رفيعة في تل أبيب. (حماس)، من جهتها، مردوعة.
وبحسبه، قادتها يعلنون مرارًا وتكرارًا أنّهم لا يرغبون في الانجرار إلى جولة قتال جديدة في مواجهة إسرائيل. وإذا جرى إيجاد حلّ للمشكلات الاقتصاديّة في غزة، كما ورد على لسان وزير النقل والاستخبارات، يسرائيل كاتس، من خلال إقامة ميناءٍ بحريٍّ عائم ٍمرتبط بجسرٍ مع قطاع غزة، فمن المحتمل أنْ تشهد الحدود مع غزة هدوءً كاملاً، قد يمتد سنوات. أمّا فيما يتعلّق بتنظيمي “داعش” و”النصرة” في سوريّة، وبشكلٍ خاصٍّ على الحدود في الجولان، شدّدّ المُحلل الإسرائيليّ على الواقع السائد منذ انتشار التنظيمين والفصائل المسلحة على طول الحدود، مؤكّدًا أنّه على الرغم من انتشار إرهابيي تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، على الجانب السوريّ من الحدود، فإنّهما تعلّما كيفية التعايش مع جيرانهم الإسرائيليين، وذلك لأنّ لديهم أعداءً، بالنسبة إليهم، أهم من إسرائيل واليهود، على حدّ وصفه.
ورأى ميلمان، أنّ إسرائيل تهدف من وراء بيع الأسلحة تحقيق الأرباح والعلاقات الدبلوماسيّة مع دول العالم الثالث، وبحسبه فإنّ 10 بالمائة من تجارة السلاح في العالم تُسيطر عليها الدولة العبرية، مشيرًا إلى أنّها تحصد أرباحًا ماليةً هائلةً من صفقات السلاح. وزاد قائلاً إن تل أبيب تُفضل إبرام صفقات بيع السلاح لدولٍ كثيرةٍ بشكلٍ غيرُ مباشرٍ وبواسطة شركات خاصة تبلغ نحو 220 شركة في محاولة لإعفاء ذاتها من مسؤولية استخدام هذا السلاح في جرائم ضدّ البشرية في حال وقوعها. ونقل ميلمان عن المصادر عينها تأكيدها على أنّ إسرائيل باتت الدولة الرابعة في تجارة السلاح عالميًا، طمعًا في الأرباح المالية رغم عدم أخلاقيتها ومخاطرها.
المصدر: رأي اليوم